
مدرسة عائشة الريامية
رجوع_بهلاء تاريخٌ و حضارة
تجثم قلعة بهلا في تلة مرتفعة متوسطة واحة النخيل مما يزيد هذه القلعة الطينية العملاقة شموخا وعلوا، والقلعة هي عبارة عن مبنى مثلث الشكل تقريباً تبلغ واجهتها الجنوبية حوالي 112.5 م في حين تبلغ الواجهة الشرقية لها حوالي 114م ويبلغ طول السور الشمالي الغربي المقوس حوالي 135م في مداه من البرج الشمالي حتى برج الريح، ويعود تاريخ بناء قلعة بهلا إلى فترات متفاوتة من الزمن فمنها ما يعود إلى ما قبل الإسلام وتحديدا الجزء الشرقي الشمالي من القلعة وهو ما يعرف ب(القصبة)، أما الجزء الشرقي الجنوبي يعود بنائه إلى عصر الدولة النبهانية هذه الأسرة التي حكمت عمان زهاء خمسة قرون،واتخذت من بهلاء عاصمة لهم في فترة من فترات حكمهم أما بيت الجبل الكائن في الزاوية القريبة من شمال الحصن فقد تم بناؤه في العقد الأخير من القرن الثاني عشر الهجري القرن الثامن عشر الميلادي، في حين إن بيت الحديث تم بناؤه في منتصف القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي.م
والقلعة مبنية بالطين ويندر استخدام الصاروج بها عدا في بعض الأجزاء البسيطة منها، ومما يميز قلعة بهلا مساحتها الكبيرة والتلة التي تغطيها مما أكسبها لقب أكبر وأقدم القلاع العمانية، والقلعة في الوسط مفتوحة على السماء نظرا لكونها تحيط بتلة صخرية كبيرة، وهي كسور الواحة لا يعرف تاريخ لبنائها، إلا أننا نجد أن التأريخ المعماري لهذه القلعة التي تعتبر من أقدم القلاع العمانية مزيج من عدة فترات تأريخية ممتدة من عصور ما قبل الإسلام وحتى عهود قريبة، لذا فان تلك التداخلات المعمارية والتأثيرات الخارجية في عمارة قلعة بهلا والأثار المكتشفة بها أكسبها أهمية كبيرة خلافا للعديد من القلاع العمانية، وبالقلعة حوالي سبعة أبار، وخمسة أبراج، وهي تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية تقريبا حسب المتعارف عليه ؛ إلا أننا نجد تضاربا من مصدر لآخر في تحديد مواقع هذه الأجزاء من القلعة حتى في أفضل الدراسات التي أجريت حول قلعة بهلا والتي تم نشرها، وبعد البحث والتقصي والاطلاع المباشر فإننا نحدد هذه الأجزاء كما يلي:م
أولا الجزء القديم أو القلعة القديمة وتعرف بالقصبة وهي أقدم أجزاء قلعة بهلا، وتقع في الزاوية الجنوبية الشرقية، وتأخذ الشكل المستطيل تقريبا، وإذا نظرنا اليه منفردا عن باقي الأجزاء نلحظ استقلاله بدفاعاته فهو مزود بأبراج في ثلاث زوايا وله بوابة من جهة الشرق هي البوابة القديمة للقلعة والتي تم إغلاقها في زمن النباهنة، ويُرجع البعض هذا الجزء للعصر النبهاني ويرجعه الكثيرون إلى عهد التواجد الفارسي في عمان قبل الإسلام، ولا نستبعد ذلك فكما ذكرنا سابقا فان للفرس تواجد في سلوت القريبة من بهلا، ولذا ليس من المستبعد إنشاؤهم لهذه القلعة للسيطرة على الواحة التي تتحكم في المعبر المؤدي غربا إلى مواقع مهمة في عبري وشمالا إلى مناطق أخرى.ن
الجزء الثاني من القلعة هو بيت الجبل الذي يأخذ امتداد الزاوية الجنوبية الغربية، ويرجع تاريخ إنشائه للقرن 12هـ / 18م، ويقع برج الريح في الطرف الجنوبي من هذا الجزء من القلعة.ن
الجزء الثالث هو البيت الحديث الممتد بين القصبة وبيت الجبل، ويعود البيت الحديث لمنتصف القرن 13هـ / 19م، وكانت أعمال الترميم التي قامت بها الوزارة قد كشفت عن مزيد من الغرف المدفونة بأكملها في طابقه السفلي، وبه العديد من الغرف والمنشآت الخدمية. يقع المدخل الحالي للقلعة أو ما يعرف بالصباح بين هاذين الجزئين من القلعة أي بين بيت الجبل وبيت الحديث مزود بفتحات علوية لصب الزيت أو الماء أو العسل المغلي، ويحوي الصباح مصاطب لجلوس الحرس الذين يصطفون على جانبي الصباح من الداخل.م
هذا بالإضافة إلى إنشاءات أخرى جهة الشمال من القلعة تمثل أسوار دعمت ببرجين، ومبانٍ أخرى من هذه الناحية تمثل سجون ومرابط للخيل، وقد اتخذ حكام النباهنة من هذه القلعة مقراً لإقامتهم عندما كانت بهلا عاصمة لعمان في بعض فترات حكمهم. ولعل قرب القلعة الواضح من المنازل المحيطة بها والسور الوحيد الذي يضمها جعلها عرضة لمخاطر مشتركة أثناء محاولات الهجوم على القلعة في فترات الحروب.
وقد كشفت الحفريات التي أجرتها وزارة التراث والثقافة بقلعة بهلا في عامي 1993م و1997م عن نتائج مهمة، سواء من حيث القدم التي تمثله القطع المكتشفة وأهميتها، أو النتائج الباهرة التي كشفت عن الأرضيات التي بنيت عليها القلعة، وبكل تاكيد فان نتائج هذه الحفريات ستؤدي إلى اعادة النظر في تأريخ الفترات التي أرخت بها قلعة بهلا حيث تم الكشف عن طبقات استيطانية مختلفة وعثر على تمثال مهشم من الفخار لفارس يمتطي جوادا، وهي تماثيل ذات تأثيرات ساسانية، وعثر على قطعة مزخرفة من الحجر الصابوني. وعثر على جرة كبيرة من الفخار لخزن التمور أو جمع العسل وقطع من الفخار المحلي والبورسلين الصيني.
وقد مر الحصن بأربع فترات ترميم أول هذه الترميمات كانت في العصر النبهاني، وربما كان ذلك في عهد الملوك المتأخرىن منهم، أما الترميم الثاني فكان في عهد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي (1034هـ - 1059هـ/ 1624 – 1649م) وقد ذكرت بعض الروايات بأن الحصن في عام 1610م قد تحول إلى أنقاض أي قبل ترميمه من قبل الإمام اليعربي، وكان الترميم الثالث في عهد الإمام عزان بن قيس البوسعيدي 1868م، في حين أن آخر هذه الترميمات تمت عندما أدرج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي والحصن بشكله الرائع وأبراجه وأسواره العالية التي تجثم فوق الصخرة العالية تجعله أروع بناء تحصيني في عمان على الإطلاق.م
: جامع بهلاء القديم
بالقرب من القلعة وفي تلة منفردة يبرز جامع بهلا القديم الذي كان يعتبر الجامع الرئيسي للمدينة ويُرجع البعض تاريخ إنشائه إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مع أننا لم نجد دليلا على ذلك حتى الآن، إلا أن أقدم تأريخ مكتوب كشف عنه حتى الآن في إحدى الأسطوانات ويحمل عام 528هـ ويعتبر هذا التاريخ أقدم تأريخ مكتوب يتم تسجيله في منشأة معمارية بالسلطنة حتى الآن بعد التاريخ السابق الذي سجل في جامع سعال بنـزوى ويحمل عام 650هـ وقد تخرج من الجامع العديد من العلماء والفقهاء على مدى قرون من الزمن.ك
وكانت وزارة التراث والثقافة قد أجرت العديد من عمليات البحث والتقصي لقراءة الكتابات التي تملا حوائط وأعمدة الجامع، وقد تم الكشف عن العديد من التواريخ المهمة لحوادث جرت في مدينة بهلا وفي عمان بأسرها وتحمل تواريخ العديد من الغزوات وتواريخ وفيات شخصيات شهيرة في تأريخ عمان، ان لهذه الكتابات بعداً تأريخيا وثقافيا واجتماعيا وستؤدي حتما إلى تغيير وإضافة العديد من المفاهيم والى تصحيح عدد منها.ك
ولعل الاكتشافات الأخيرة بأرضية الجامع ستضيف ثقلا وبعدا أخر لواحة بهلا ويبرز مدى أهمية هذه الواحة كإحدى مواقع التراث العالمي فقد تم الكشف مؤخرا وأثناء عملية الترميم عن عدة اكتشافات كان أولها الكشف عن بناء دائري ظهر مطمورا تحت التراب في إحدى زوايا الجامع، ومبني بالقرميد أو الطوب المحروق وبعد معاينته ومقارنته بنظائر أخرى قليلة له وجد أن البناء يمثل مئذنة أو برجا وقد يكون الاثنان معا، وعثر في أرضية الجامع على صرة تضم مجموعة من العملات الفضية التي يتم تسجيلها لأول مرة حيث ضمت مجموعة كبيرة من العملات النادرة التي سكت زمن الامام الخليل بن شاذان (407هـ - 425هـ) والامام راشد بن سعيد الذي تولى من بعده وعملات أخرى بويهية، ويعتبر كشف العملات هذا ذو أهمية كبيرة حيث يلقي الضوء على تلك الفترة من التأريخ العماني وطبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة.م
وقد توالت الاكتشافات الأثرية بالموقع ففي الجهة الشرقية من الجامع تم الكشف عن وجود مدفن كبير يعود لفترة أم النار منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وقد عثر على عدد كبير من أواني الحجر الصابوني المختلفة الأشكال والجرار الفخارية والأحجار الكريمة كالعقيق الأحمر، واحتوى على عدد كبير من الهياكل العظمية المهشمة والتي تظهر أثار الحرق على بعضها، وقد تم شق هذا المدفن في بطن الصخر الجبلي الذي يقوم عليه الجامع والذي بني دون ادراك من قبل منشئيه في تلك الأيام بوجود المدفن في الصخر.م
وفي كشف فريد أخر بنفس المسجد كشفت حفريات دائرة التنقيب والدراسات الأثرية بالوزارة عن وجود بقايا جدران لمسجد يقع داخل محيط المسجد الجامع الحالي وتأخذ حوائط المسجد المكتشف نفس اتجاه حوائط المسجد الحالي وأصغر مساحة منه، وفي وسط محيط المسجد المكتشف وجدت بقايا حفر عثر في بعضها على قطع من أخشاب النخيل مما يدلل على أن سقف المسجد المكتشف كان محمولا على أعمدة خشبية من جذوع النخيل وهو ما يعرف بنظام السقيفة الذي كان منتشرا في الفترات المبكرة للإسلام.م
![]() 9 | ![]() 8 |
---|---|
![]() 7 | ![]() 6 |
![]() 5 | ![]() 2 |
![]() 3 | ![]() 1 |
![]() 4 |